غلاء أسعار ورواتب هزيلة وخبرات لا تكفي.. حديثي التخرج: نشعر كأننا نواجه المجهول

تصميم - باسم حنيجل

Written By مريم أشرف
2023-06-18 00:00:00

خلال أقل من عام واحد؛ قفز سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للضعف تقريبًا من "15 إلى 30 جنيهًا"، وبعدها دخل الجميع في صدمة تحرك أسعار السلع دون توقف، حققت الأسعار قفزة فاقت ما سجلته العملة الأمريكية من ارتفاع.

وقعت أسر كثيرة ضحية لهذه القفزة، هبطوا إلى طبقات اجتماعية أخرى، أجورهم لا تكفي لمواجهة كل هذا الغلاء.
حديثو التخرج أيضًا، كانوا من بين الضحايا الكثيرين لتغير أسعار العملة، فالأجور لا تعوض قفزة الأسعار، والشركات الكبرى لا تُوظفهم، وقطار العمل يقترب من دهسهم، لذا اختاروا العمل بأي وظيفة.

تمر الأعوام دون مهنة واضحة، فيقبل كل منهم بأي وظيفة غير مجدية، ثم يكونون أول من يعاني من الأزمات مثل أزمة التعويم الأخيرة، ثم الهبوط من الطبقة المتوسطة إلى الفقيرة، بعد تخرجهم منذ سنوات في كليات ينتظرون بعدها مستقبل مُشرق، ينقلهم إلى طبقات اجتماعية أعلى، ويزيد من جودة حياتهم.

صلاح المصري، 25 عامًا، درس المسرح لمدة أربع سنوات، تميز في دراسته، ثم تخرج عام 2021، دخل فترة التجنيد، وبعد قيامه بأداء الخدمة العسكرية، خرج ليجد سعر الدولار قفز إلى 30 جنيهًا، إذن سنوات الدراسة والتمثيل انتهت، عليه الآن البحث عن عمل مختلف عن دراسته، ليشارك في مصاريف منزله.

يقول صلاح لـ"صوت السلام": “أعمل مدرب في جيم، لكن دخل مهنة واحدة لا يكفيني، أعمل أيضًا بعد ذلك كبائع في فرع لشركة خطوط محمول، أعمل تقريبًا طوال اليوم ولا يتبقى سوى ساعتين إلى ثلاث ساعات للنوم، أبتعد أكثر فأكثر عن شغفي الحقيقي، وأفقد إحساس الوقوف على المسرح، كل ما تخيلته عن حياتي بعد التخرج لم يحدث، ابتعدت عن كل ما أحب، أعمل في مهنتين فقط لسداد احتياجاتي الأساسية بعد التعويم الأخير للجنيه المصري.

رباب كرم، 24 عامًا، قضت عامًا ونصف من التيه والخوف والحيرة، كل هذا انتظارًا لتعيينها كمعيدة في كلية الآداب جامعة حلوان، بعد أربع سنوات حصدت فيها ترتيبًا على دفعتها، وتقدمت بخطة مرحلة الماجستير، هذا التأخير من الجامعة ضاعف ضغوط رباب المادية واستعانت بأهلها، خاصة وهي طوال عام ونصف تعمل في الجامعة دون مقابل مادي، وعندما انخفض سعر الجنيه زادت الضغوط.

بعد تعيينها بدأت تشعر بتحسن وأن هناك من يشاركها رسم خطواتها بعد التخرج بطريقة احترافية بعد مرحلة "اللخبطة"، وسط خطوات يرسمها الآخرون.

حصلت رباب أخيرًا على أول أجر شهري، دخلت في أزمة يمر بها زملائها من المعيدين وبعض أساتذة الجامعة بسبب الأجور، لكن أزمتها أكبر لأنه مع أول أجر ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير، أجرها كله تنفقه في المواصلات والجامعة.

أما جوفاني يعقوب، 24 عامًا، فحصل على إعفاء من الخدمة العسكرية نتيجة مشكلة صحية في ظهره، كان طموحه أن يعمل لشراء شقة للزواج مستقبلًا، وشراء سيارة تريحه من عناء ركوب المواصلات العامة لسنوات، لكنه مع أول وظيفة صُدم بانخفاض سعر الجنيه، أصبح يعمل ليجد نقودًا يشتري بها ملابسه، ويجلس على "القهوة" ويخرج في نُزهة مع أصدقائه، حتى متعة السفر أصبحت تحتاج إلى شهور من الادخار.

لكن يعقوب، يطور من موهبته في الغناء، ويتعلمه بشكل احترافي، بالإضافة إلى عمله مساعد مخرج في عروض مسرحية وإعلانات، هذه طريقته الوحيدة لكسب المال.

منذ تخرجها في كلية الحقوق، تعاني سمية محمد، 24 عامًا، من التخبط في مسارها المهني، عملت كسكرتيرة في عيادة تجميل ثم تركتها، ثم أخذت تدريبًا في مجال الموارد البشرية وبحثت عن شركة لهذه المهارات ولم تجد.

استقرت سمية في مهنة "كول سنتر" بجانب البيع في محلات الملابس والمفروشات، وهي مهن تتطلب ساعات عمل تصل إلى 9 ساعات يوميًا بمقابل مادي لا يزيد على 2000 جنيه "الحد الأدنى للأجور بشكل رسمي 3500 جنيه"، كل هذا لا يساوي طموح سمية في مرتب متوسط ومهنة تبدأ بها مسارها المهني، إذ هي تحصل على أجر لا يكفي مواصلاتها، وتعمل في مهنة تبعدها عن شغفها، فهي لا تتطلب شخص لديه مهارات، شخص لم يقضي سنواته في التعليم الجامعي و"الكورسات".

بعد انخفاض سعر الدولار، أدركت سمية سبب انخفاض الأجور مقارنة بالوظائف، تقول: “المدير يبحث عن الربح غير الموجود الآن، نتيجة ارتفاع أسعار الخامات وإيجار المقر وفواتير المرافق، فلا يستطيع أن يحصل على ربح إلا من خلال أجور الموظفين".