أزمة منتصف رمضان.. أسر مصرية تلجأ إلى "ياميش التجزئة" بسبب الأسعار

Photographer: مريم أشرف - ياميش التجزئة في أسواق دار السلام

Written By مريم أشرف
2025-03-18 11:57:00

انتصف شهر رمضان، ونفد الياميش الذي اشترته أسماء عبدالرحمن، ربة منزل، قبل بداية الشهر، إذ اكتفت وقتها بشراء كميات قليلة من البلح والمكسرات بسبب ارتفاع الأسعار، بينما التهمت السلع الأساسية باقي الميزانية.

ومع تبقي أيام قليلة من رمضان، تجد أسماء نفسها أمام معضلة تدبير احتياجات أسرتها من الحلويات والمكسرات التي اعتادت على تحضيرها في الأيام الأخيرة من الشهر، وسط ارتفاع مستمر في الأسعار وضيق اليد.

ياميش التجزئة

لجأت أسماء إلى شراء ما يُعرف بـ"ياميش التجزئة" في حي دار السلام بمحافظة القاهرة، تقول: "أصبحت أشتري المكسرات بكمية تكفي ليوم واحد، أي طبق من الحلويات وطبق مكسرات، أحيانًا أنفق 50 جنيهًا على نوعين لا أكثر، وهذا بالنسبة لي حل مناسب، لأن تحويشة رمضان ذهبت بالكامل للسلع الأساسية، لذا أكتفي بشراء ما أحتاجه يومًا بيوم".

أسماء وأسر مصرية أخرى لجأت إلى شراء "ياميش التجزئة" بعد انتصاف رمضان، إذ نفدت الكميات التي اشتروها من قبل، ولم يستطيعوا شرائها مرة أخرى بسبب ارتفاع الأسعار، ومع تبقي أيام من رمضان، وجدوا أنفسهم مضطرين للشراء بكميات تكفي احتياجات اليوم فقط، مما دفع محال عطارة إلى بيع الياميش بالجرام، حتى يتمكن الزبائن من شراء ما يلزمهم دون إرهاق ميزانياتهم.

منهم علي محمد، صاحب محمصة في دار السلام، وبدأ في بيع عبوات صغيرة من المكسرات بكميات محدودة إلى جانب ياميش رمضان المعتاد لأول مرة؛ بهدف توفيره بأسعار مناسبة تناسب الأسر: "الياميش سعره غالي والناس مش بتشتري عشان كدة بدأت أعمل كميات صغيرة بأسعار مناسبة".

ركود وارتفاع أسعار

شهدت أسعار الياميش قفزات كبيرة هذا العام تراوحت بين 10 - 30% وفق شعبة الغرف التجارية، ووصل سعر الكيلو لبعض الأصناف إلى 1000 جنيه، في حين تبدأ الأصناف الأرخص من 400 جنيه، وبالرغم من أن الياميش يعد جزءًا أساسيًا من طقوس رمضان، فإن ارتفاع أسعاره دفع العديد من الأسر إلى التوقف عن شرائه تمامًا، أو الاكتفاء بصنف واحد إن استطاعوا.

ولمواجهة هذا الركود، قرر محمد هذا العام توفير عبوات صغيرة بأسعار معقولة لأول مرة، بعدما شهد العام الماضي تراجعًا حادًا في المبيعات، ووصفه بأنه "لم يكن موسم خير". 

ومن هنا جاءت فكرته لجذب الزبائن عبر تقديم أطباق ياميش بأسعار من 20 إلى 50 جنيهًا، تشمل البلح، المشمش، الزبيب، جوز الهند، الفول السوداني، وحتى المكسرات الأغلى مثل عين الجمل والكاجو.

 لذا اعتمدت أسماء على شراء ياميش التجزئة مثل البلح بسعر 30 جنيهًا، وأصناف مثل الزبيب وجوز الهند لا يتعدى سعرها الـ50 جنيهًا لطبق اليوم الواحد: "السعر مناسب والجودة متوسطة والكمية تقضي اليوم بيومه لآخر رمضان".

رغم أن هامش الربح لدى محمد من ياميش التجزئة ليس كبيرًا كما يحكي، إلا أنه يحاول الحفاظ على جودة الياميش: "الجودة متوسطة مش رديئة ولا عالية، لكنها مناسبة مع الناس".

ويؤكد محمد أن هامش الربح في هذه الكميات ليس كبيرًا، لكنه يعوض ذلك بتوازن السوق بين الزبائن القادرين على شراء كميات كبيرة، وأسر أخرى تلجأ لهذه الحلول البسيطة حتى تتمكن من الحفاظ على طقوس رمضان لأبنائها.

حلوى اليوم الواحد

نفس الحل لجأ إليه خالد عماد، صاحب محل عطارة، حيث بدأ في بيع الياميش بالتجزئة في محله بعد مرور الأيام الأولى من شهر رمضان، معتمدًا على توفير كميات تكفي لتحضير طبق أو "صينية" حلوى رمضانية فقط. 

ويقول عماد: "تجزئة الياميش كانت موجودة في دار السلام من زمان، بس كانت لفئة معينة واللي بيشتروها كانوا قليلين، إنما السنة دي الموضوع بقى مختلف، بقت هي الطريقة الأساسية اللي بنبيع بيها، والزبون بقى مقبل عليها جدًا، عشان الزباين مبقتش قادرة تشتري بالكيلو زي الأول".

من هؤلاء الزبائن محمد فتحي، رب أسرة، دخل محل عماد طالبًا بـ20 جنيهًا زبيب، إذ يعتمد على شراء الياميش لأسرته بهذه الطريقة خلال العامين الماضيين، وتتصل به زوجته وتطلب منه كمية معينة من صنف، ليشتريه أثناء عودته من العمل لتصنع لهم طبق حلوى اليوم.

يقول فتحي: "كنت الأول بحس أن مش كل الناس بتشتري بالكمية البسيطة دي، لكن مع الوقت بقي الطبيعي أن حد جنبي كمان بيشتري بـ 20 أو 30 جنيه زبيب أو سوداني، مبقتش أحس أنها حاجة غريبة".

في ظل الضغوط الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسر خلال رمضان، يحاول فتحي وأسماء جاهدين توفير طبق حلوى بسيط للعائلة بعد يوم صيام طويل، بينما يسعى خالد ومحمد، أصحاب المحال، إلى تقديم الياميش بالتجزئة وأسعار رمزية، لذا باتت موائد رمضان تتكيف مع الواقع الجديد، وأصبح الياميش أحد التحديات التي تواجه .الأسر وسط موجات الغلاء

Photographer: مريم أشرف -