"فرز تاني".. أسر مصرية تلجأ إلى بدائل غير صحية من الفاكهة في رمضان

Photographer: مريم أشرف - بائعات فاكهة في دار السلام

Written By مريم أشرف
2025-03-03 13:45:00

تقف روان عبدالهادي، ربة منزل، أمام عربة الفاكهة في منطقة دار السلام حائرة، ما معها من مال لا يناسب تلك الأسعار، وبدأ شهر رمضان ويحتاج أبنائها تناول الفاكهة باستمرار خلال ساعات الصيام، لذا بدأت التفاوض مع البائع.

اقترح عليها حماد أحمد، صاحب عربة الفاكهة، أن تشتري من "الفرز التاني" وهي فاكهة غير طازجة أصاب العطب الكثير من حباتها، لكن أسعارها أقل من نصف أسعار الفاكهة الطازجة "الفرز الأول". لم يكن أمام روان حلًا سوى شراء "الفرز التاني" حتى وإن كانت أجزاء منها فاسدة.

تقول: "السنة دي هعتمد على الفاكهة الفرز التاني عند البايعين، أغلبها بيكون بايظ لكن ممكن أعملها عصير زي الفراولة والجوافة، عشان هي بنص السعر يعني هتوفر معايا كتير، وهعتمد كمان على العصير المسحوق البودرة اللي رغم أنه مش مفيد لكن رخيص ينفع في عصير رمضان".

فاكهة فرز تاني

أصبحت الفاكهة من الفرز الثاني طبق رئيسي لدى أسر مصرية في شهر رمضان، بسبب ارتفاع أسعار الفاكهة، وقدرة الأسر المحدودة على شراء الفواكه الطازجة التي كانت جزءًا من المائدة الرمضانية سابقًا، مما يضطرها إلى تقليص حجم الإنفاق على الفواكه واللجوء إلى بدائل مثل الفرز الثاني أو عصائر البودر.

يقول أحمد، بائع الفاكهة: "بجيب الفاكهة الفرز التاني دايمًا عشان لاحظت إقبال الناس عليها، محدش معاه فلوس يجيب فاكهة خصوصًا بارتفاع أسعارها، ولما لاقيت الفاكهة بقيت من الرفاهيات، قررت الاعتماد على الفرز التاني، ودي فاكهة بيكون فيها أجزاء بايظة لكن ممكن تتعمل عصير والناس تمشي حالها بيها بدل أسعار الفاكهة المرتفعة".

الإقبال على الفاكهة فزر تاني

قبل رمضان يرتفع سعر الغذاء دومًا، على رأسه الفاكهة التي ارتفعت بنسبة 5.8% والدواجن 10.3%، والاثنان معًا ساهما في ارتفاع معدلات تضخم الغذاء في مصر بمقدار 0.53% وفق تقرير البنك المركزي آخر فبراير الماضي.

هذا الارتفاع في أسعار الفواكه أثر على بضاعة أحمد من الفاكهة الفرز الأول، التي تظل على العربة دون مشتري بينما الإقبال يتزايد على الفاكهة الفرز الثاني: "زمان كان الوقت دا موسم البيع بتاعي كل الستات عايزة تشتري فاكهة وتخزن عشان رمضان، لكن دلوقتي البضاعة من الفاكهة الجيدة مركونة في السوق محدش قادر يشتري منها".

يصل سعر الموز والبرتقال من الفرز الأول إلى 25 جنيهًا بينما الفرز الثاني يكون 12 جنيهًا أي نصف السعر، وبلغ سعر الفراولة 40 جنيه وإذا أردت شراء الفرز الثاني منها تكون بسعر 20 جنيهًا، مما جعل الفاكهة مقتصرة على بعض الأسر ذات الدخل المرتفع، وأصبح تخزين العصائر في رمضان أمرًا صعبًا بالنسبة للكثيرين.

أما التفاح وصل سعره إلى 65 جنيهًا والفرز الثاني منه بـ30 جنيهًا، ورغم ذلك تراه سماح محمد، ربة منزل من دار السلام، مرتفع فإذا رغبت في شراء 2 كيلو سيكون بسعر 60 جنيهًا ولم تحصل في نفس الوقت على فاكهة جيدة وطازجة لأبنائها.

تقول: "كنت متعودة اشتري فاكهة وأخزن عصير لرمضان عشان كل الأيام نشرب فواكه متنوعة طول الشهر، لكن دلوقتي معنديش قدرة على شراء الفواكه واللحمة، يدوب شوية خضار في التلاجة والعيش، وبعض أنواع الفاكهة الفرز التاني لكن التفاح مش منهم لأن الفرز التاني منه بايظ وغالي".

خطورة تناول الفاكهة الفرز الثاني

تحذّر الدكتورة هبة عبداللطيف، استشاري التغذية العلاجية بمعهد الأورام، من مخاطر تناول الفاكهة المصنّفة كفرز ثانٍ، حيث تحتوي غالبًا على بكتيريا وفطريات قد يصعب التخلص منها، مشيرة إلى أن الحلول الشائعة، مثل إزالة الأجزاء التالفة أو غسل الفاكهة، لا تضمن القضاء على البكتيريا، نظرًا لاحتمالية انتشارها في كامل الثمرة وليس فقط في الأجزاء الظاهرة المتضررة.

توضح لـ"صوت السلام": "تناول ثمرة أو ثمرتين يوميًا، أي ما يعادل نصف كيلو، يعدّ كمية مناسبة وغير مكلفة للأسر، وتوفر للجسم احتياجاته من الفيتامينات والعناصر الغذائية، مؤكدة أن الامتناع عن شراء الفاكهة تمامًا ليس الحل، خاصة أن بعض الأسر تنفق مبالغ على منتجات غذائية تحتوي على مواد حافظة لأطفالهم، بينما تكلفتها تعادل تقريبًا سعر نصف كيلو من الفاكهة الطازجة.

اختفاء بعض الأصناف

كذلك توقف محمود، بائع فاكهة في دار السلام، عن بيع التفاح بسبب عدم إقبال أهالي المنطقة عليه، وأصبح يبيع أنواعًا محددة من الفواكه تكون رخيصة الثمن مقارنة بأصناف مثل التفاح: "العربية فيها تلات أنواع فاكهة موز وبرتقان وفراولة، كنت زمان بجيب أحلى وأجود فاكهة عشان كانت الناس بتشتري لكن دلوقتي كله بيروح للفرز التاني".

أقصى كمية تشتريها الأسرة من محمود هي 2 كيلو وفقًا له، إذ أن سعر تلك الكمية في أغلب الأصناف يصل إلى 100 جنيه وربما لا تكفي الأسرة سوى أسبوعًا واحدًا: "اتنين كيلو من الفراولة الجيدة 80 جنيه والتفاح حوالي 130 جنيه عشان كدة محدش بيقدر عليها".

تحاول سماح ونعمات، ربة منزل من دار السلام، انتقاء ثمار الفاكهة الأقل ضررًا من الفرز الثاني على ذات العربة، إذ استدانت نعمات مبلغًا قدره 2000 جنيه، لتشتري مخزون رمضان إلا أنها وضعت للفواكه أقل ميزانية وتعتبرها رفاهية هذا العام.

تقول: "اشتريت فاكهة بـ150 جنيه من الفرز التاني، عشان أوفر يمكن نقدر نأكل لحمة مرة أو مرتين في شهر رمضان، وهكمل باقي العصائر من المسحوق البودرة".

 

يؤثر اعتماد سماح ونعمات وروان على العصائر من مساحيق البودر على بائعي الفاكهة، منهم أم محمد، في منطقة دار السلام، إذ لاحظت عدم إقبال الزبائن هذا العام على الشراء، بسبب ارتفاع الأسعار، وتفضيل الزبائن الفاكهة من الفرز الثاني.

تقول: "محدش قادر يشتري فاكهة فرز أول، الستات بتأخد الفرز التاني وتطلع البايظ منه تعمله عصير والباقي يتأكل عادي، وفيه ناس تانية راحت لعصائر المسحوق من قلة الحيلة".

ربما تمكنت سماح ونعمات وروان هذا العام من إيجاد بديل للفاكهة، مثل الاعتماد على الفرز الثاني أو استخدام البودر، لكن العام المقبل قد يحمل تحديات أكبر في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، مما يترك الأسر أمام خيارات محدودة تهدد تواجد أطباق الفاكهة على موائد رمضان.

Photographer: مريم أشرف - فاكهة في دار السلام