من المفترض، حين تُحيي ذكرى ما، أن تُحيي ذكرى جميلة، كانت سببًا في إسعادك يومًا ما حتى لا تنساها، ولكنهم اختاروا إحياء ذكرى سيئة نتمنى نسيناها. أتحدث هنا عن مسلسل "ساعته وتاريخه" المعروض حاليًا في مصر.
أحيت إحدى حلقات المسلسل ذكرى مؤلمة لدى أهالي المنصورة، كنا قد نسيناها منذ فترة قليلة، وهي ذكرى مقتل الشابة نيرة أشرف، أتساءل: هل نحتاج إلى تجديد جراح الألم؟!
في عام ٢٠٢٢ حدثت واحدة من أبشع جرائم القتل، بشكل لم نختبر بشاعته منذ زمن، في مشهد بقي محفوظًا في أعين الناس لفترة طويلة، خاصة الفتيات اللاتي زاد الخوف بداخلهم من السير في شوارع القاهرة، وبعض وقت قلّ ذلك الذعر، ونسي كثيرون منا الجريمة البشعة، فلماذا أحيا القائمين على مسلسل ساعته وتاريخه هذا الحاث مرة أخرى؟
شهدت وسمعت ردود الأفعال في الشوارع، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حول الحلقة التي تتمحور حول مقتل الطالبة نيرة اشرف امام جامعة المنصورة على يد زميلها محمد عادل، والأكيد أن الحلقة أعادت بالفعل مشاعر الغضب مرة أخرى، بعد تجسيد الفنانة مايان السيد لدور "نيرة" بشكل أوضح مُلابسات الواقعة، بعد مرور الوقت.
لكن الحقيقة أن البعض أيّد المسلسل، بدعوى أنه يُسلّط الضوء على قضية مجتمعية مهمة، وخلافي هنا أنه كان يجب عليهم تسليط هذا الضوء بحذر.
كنت أتجنّب مشاهدة الحلقة، لكن غلبتني نفسي وشاهدتها، بعد مرور دقائق كان الأمر عاديًا جدًا، ولكن بعد فترة قصيرة، بدأت في استرجاع ذكريات المشهد الحقيقي بجميع تفاصيله، تذكرتُ نفسي وأنا أشاهد هذا المنظر لأول مرة، تذكرت ردة فعلي التي كانت تتوزع بين عدم الاستيعاب والغضب والحزن.
وفجأة قفزت في رأسي فكرة أعمق، ماذا عن أهل الضحية؟!؛ أسرة وأقارب وأصدقاء نيرة، كيف هم الآن؟ وهم يشاهدون الحادث يتكرر أمامهم مرة أخرى، لم أقدر على تخيل الأمر، وهنا تطرق لذهني سؤال؛ لماذا اختار صناع المسلسل إعادة ذلك المشهد بالذات؟، وهل جال في خاطرهم للحظة شعور أهل الضحية وهم يشاهدون الحلقة!