مع انخفاض سعر الدقيق، تأكد علي عبد الله من انخفاض سعر الخبز بطبيعة الحال، إلا أن الواقع جاء عكس ذلك، فمخابز المنيا لم تنصاع للقرار سريعًا.
في منتصف إبريل الماضي أعلن اتحاد الغرف التجارية في بيان لها انخفاض سعر القمح، وبعدها أعلنت الشعبة العامة للمخابز عن خفض أسعار الخبز السياحي بنسبة تتراوح بين 30-45%. وصدر قرار وزاري بشأن تنظيم الأسعار؛ فسعر الرغيف وزن 80 جرام بلغ 150 قرش، ووزن 40 جرام بـ75 قرشا، ووزن 25 جراما بـ50 قرشًا.
العقوبة حل للمخابز غير الملتزمة
إلا أن عبد الله، طالب كلية التمريض بجامعة المنيا، لم يرَ تأثير تلك القرارات على المقابل المادي الذي ينفقه يوميًا على الخبز، ويقول "العيش بياخد من ميزانيتي 20 جنيه يوميًا، وحتى الآن بشتري الأربع أرغفة بخمسة جنيه".
ويرغب الطالب في أن تكون الرقابة مُشددة على المخابز حتى يتخلص من جشع التجار، على حد قوله، ويُضيف "التجار اتعودوا على إنهم يزودوا في الأسعار، ومش مستوعبين إن فيه انخفاض حصل".
وبحسب وزارة التموين والتجارة الداخلية يُعاقب كل من يخالف قرار تطبيق أسعار العيش السياحي، الفينو والبلدي، الجديدة، أو يتلاعب بأوزان الرغيف بالحبس مُدة تصل إلى خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ألف جنيه.
وأعلنت مديرية التموين في المنيا عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك، عن رقم تليفون لاستقبال شكاوى المواطنين عليه، في حالة الإبلاغ عن مخالفة من المخابز، لكن سامح فوزي، مدرب سباحة، يقول إنه لم يُفكر ولو مرة واحدة في الإبلاغ عن التجار "أنا بشوف الصفحات الرسمية بتعلن عن ضبط مخابز طول الوقت، بس أنا مش عايز أضر حد، المخبز اللي بلاقيه مزود في السعر أو مقلل في الوزن مش بشتري منه".
"لو طبقت التسعيرة هخسر"
وفي سؤال أصحاب المخابز عن أسباب عدم خفض الأسعار، قال محمد سمير-اسم مستعار- إن تطبيق التسعيرة أمر صعب، مُشيرًا إلى أنه ما يزال يتحمل تكاليف الغاز والإيجار والعمالة، مؤكدًا "لو طبقت التسعيرة هتعرض لخسارة".
على العكس منه يقول محمود صابر، إن نسبة الانخفاض كبيرة، مما ساعده على الالتزام بقرار خفض أسعار الخبز، ويقول: "سعر شوال الدقيق الـ50 كيلو قبل الانخفاض كان بين 900 إلى 1100 جنيه، حاليًا يتراوح السعر بين 400 إلى 500 جنيه"، فيما أشار إلى أن نسبة انخفاض سعر الخبز حوالي 25%، إذ كان يبلغ سعر الحجم الكبير من الخبز 2 جنيه، أما الآن فأصبح بجنيه ونصف.
وأكد صابر أنه لا يزال يحقق مكاسب، واستكمل بقوله "أصبح الإقبال علينا أكثر لأننا ملتزمون بقرار تخفيض السعر"، ويأمل صاحب المخبز في أن تُخفّض أسعار جميع السلع الرئيسية.
في المقابل لم تشترْ بعد إيمان علي، ربة منزل، الخبز بالأسعار الجديدة، وتعاني السيدة من ارتفاع أسعار الخبز لأن عدد أفراد أسرتها خمسة، وتقول: "البطاقة التموينية الخاصة بنا متوقفة ولا نحصل على الخبز المدعم"، وتشتري الأسرة يوميًا بأكثر من 50 جنيه خُبز، وتؤكد السيدة أنها لم تُقابل بعد أية مخابز تطبق التسعيرة الجديدة.
"لم يلتزم إلا من رحم ربي"
في حين تمكّن عادل سيد من مركز ملوي، من شراء خبز بسعر مُخفّض، إذ يقول: "المخبز اللي متعود أشتري منه أعطاني 7 أرغفة من الحجم الكبير بـ10 جنيه، وفي الفترة قبل الانخفاض كنت بشتري بالـ10 جنيه خمس أرغفة فقط"، ومعنى ذلك أن سعر الرغيف الواحد بلغ أقل من جنيه ونصف، وهو ما يُطابق التسعيرة الحالية، ويضيف سيد "في ظل ارتفاع جميع السلع الرئيسية في الوقت الحالي، أنا سعيد بانخفاض الأسعار".
وتفقّدت المنياوية عشرة مخابز في مناطق مختلفة بمحافظة المنيا، ووجدنا أن ثلاث من المخابز التزموا بالقرار، حيث خفضوا الأسعار، كما حافظوا على الوزن، ووجدنا ثلاث من المخابز قاموا بتخفيض السعر، لكن ليس التسعيرة المحددة، فضلًا عن اثنين من المخابز خفّضت السعر، لكنها لم تلتزم بالوزن، واثنين آخرين لم يقللوا الأسعار نهائيًا.
وكان قد كشف عبد الرحمن عمر، رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية بالمنيا، عن التزام 3200 مخبز ينتج الخبز السياحي والفينو بتطبيق الأسعار الجديدة، لكن علي جمال، أحد العاملين في المخابز السياحية قال: "التزم فقط من رحم ربه ويعلم أحوال الناس"، وبسبب خبرته في المخابز لأكثر من 10 أعوام ذكر أن المخابز عادة لا تلتزم بالتسعيرة بشكل كامل، مُضيفًا "عندما نسمع عن وجود حملة نوقف العمل ونغلق المخبز على الفور".