تظل محافظة المنيا الأعلى في نسب الأمية، فعلى الرغم من تعاون دور محو الأمية مع مؤسسات المجتمع في قرى المحافظة من أجل نشر هذه الثقافة إلا أنها لا تزال متصدرة المحافظات.
يؤكد ذلك التقرير الذي نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في سبتمبر الماضي، بشأن المحافظات الأعلى في نسب الأمية، وكانت المنيا هي أعلى محافظة، حيث بلغ عدد الأميين بها مليونًا و321 ألفًا و108 أمي من أصل 46 مليونًا و70 ألفًا و45 عدد سكان المحافظة، وأحتل الذكور النسبة الأعلى 39.6٪ من إجمالي العدد بينما الإناث 33.2٪.
يُرجع شادي رزق، مدير هيئة محو الأمية وتعليم الكبار بمحافظة المنيا، ارتفاع نسب الأمية في المحافظة رغم الجهود المبذولة، إلى ضعف الميزانية المالية المخصصة للهيئة، إلى جانب عدم وجود أجور للمعلمين والمعلمات بل هي جهود ذاتية.
يوضح: " يذهب المعلم إلى مقر هيئة محو الأمية وتعليم الكبار في أي مقرر من المقررات التسعة داخل محافظة المنيا ومعه بطاقات الدارسين، ويحصل من نجح في محو الأمية على شهادة تعادل الشهادة الابتدائية".
يضيف: "من الأسباب أيضًا الأزمة الاقتصادية وضيق الأيدي في الإنفاق، والعادات والتقاليد، ولكن نعمل حاليًا على تغيير الأنماط وتقديم مبادرات مثل مبادرة طرق الأبواب التي تقدمها الهيئة، وفيها نذهب للمنزل للوصول إلى الدارسين ونحاول استقطابهم للقضاء على الأمية، وأكثر الجهات التي تساعدنا في هذا الأمر هي الجامعة".
وعبر السنوات الماضية كانت نسبة الأمية في المنيا ترتفع، بحسب تقرير المركزي للإحصاء في 1 يوليو 2021 كانت نسبة أمية الإناث 45.8٪ بينما الذكور 37.7٪ من إجمالي سكان وصل إلى 37 مليونًا و867 ألفًا و12 مواطنًا، بينما في نفس الفترة من العام التالي كانت نسبة الأمية في الإناث 36.0٪ بينما الذكور 43.5٪ وإجمالي السكان 38 مليونًا و659 ألفًا و87 مواطنًا.
وعن الجهود المبذولة، يقول شادي رزق مدير الهيئة: "نعمل على القضاء على الأمية مستهدفين النجوع والقرى وقمنا بعمل فصول في مناطق كثيرة ولدينا بروتوكولات تعاون بيننا وبين الشباب والرياضة ومديرية التربية والتعليم والأزهر والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني".
يضيف: "نقوم مؤخرًا بالعمل على مبادرات دعم الولاء والانتماء والمواطنة ونبذ العنف والخلاف الأسري والاستعانة بيت العائلة والأزهر، وفي هذه الفترة لا يوجد فصولًا تابعة للهيئة بل يتعاقد المتعلم بفتح فصل ذاتي ولا يحصل المعلم على أجر بل يحصل على مكافأة".
وتشرح آمال طه عبدالغني، منسق محو الأمية في مديرية الشباب والرياضة بالمحافظة، البروتوكول الذي يكون بين الهيئة والمديرية: "يذهب المتعاقد إلى مقرات الهيئة في القطاعات التسعة داخل المحافظة، ويطلب بفتح فصل تابع إلى مديرية الشباب والرياضة".
إلى جانب ذلك قدمت المديرية عدة دورات كان لها نتائج ملموسة وفق آمال: "في يوليو 2022 قمنا بعمل دورة شارك بها 208 ميسرًا بـ208 فصل، وكان عدد الناجحين 752، أما في دورة أكتوبر 2022 شارك فيها 469 ميسرًا ونجح بها 353".
تضيف: "وفي دورة يناير 2023 شارك بها 18 ميسرًا ونجح بها 86 شخصًا، وفي أبريل 2023 شارك في الدورة 144 ميسرًا ونجح بها 483 شخصًا، فيكون إجمالي ما قدمته مديرية الشباب والرياضة من يوليو 2022 حتى أبريل 2023 قرابة 1655 ناجحًا، ويحصل المعلم على مكافأة 250 جنيهًا في نجاح الشخص الواحد بتلك الدورات".
تحدثنا أيضًا مع عدد من المعلمين، منهم سمر محمد، التي قامت بفتح فصول تابعة لهيئة محو الأمية ومديرية الشباب والرياضة في قرية بني خالد التابعة لمركز ملوي في محافظة المنيا.
تقول: "هناك تشعر بالخجل من الحضور وأخريات لا يعرفون كيف يمسكن القلم، وبعض الأزواج يرفضون حضور زوجاتهم، لذلك اضطر إلى الذهاب إليهم لإقناعهم، في البداية فتحت فصل، حضره ٥ فتيات متسربات من التعليم، وبالفعل تعلموا وخاضوا الامتحان وكلما نجحت إحداهن أحصل على مكافأة 250 جنيهًا".
من بين هؤلاء الناجحات، كانت أسماء حسن، اسمًا مستعارًا، التي تقول: "رفض أبي تعليمي لعدة أسباب، أولها أن النساء لا تتعلم وتزوجت في سن 16 عامًا، وكان هناك معلمة في قريتنا لديها فصل ورفض زوج ذهابي إليها، ولكن وجدت أخرى وافقت لن تعطيني وبعد 6 أشهر أصبحت أساعد أبنائي في دروسهم".
أما هند علي، اسم مستعار، إحدى أميات محافظة المنيا، كان حظها أسوأ، تقول: "لم أتعلم وتزوجت وأنا في سن 16، ولكن دائمًا كنت أطمح أن أتعلم، وكنت حريصة على تعليم أبنائي".
تضيف: "لكن رفض زوجي دخول ابتنى المدرسة، ويرفض ذهابي إلى فصول محو الأمية، حتى بعدما جاءته معلمات الفصول ظل رافضًا، لكنني أشعر بالضيق من جهلي وعدم قدرتي على القراءة أو الكتابة وأتمنى الانضمام لفصول محو الأمية".
مشروع آخر شهدته محافظة المنيا يخص محو الأمية، وهو مشروع الادخار والأفراد الرقمي، المنفذ من المجلس القومي للمرأة ضمن مشروعات تنمية الأسرة المصرية، وهو مشروع قومي منفذ في أكثر من محافظة منها المنيا داخل ثرى حياة كريمة.
تقول أشجان خلف يوسف مشرفة محافظة المنيا للمشروع: "هذا المشروع يستثمر في النساء، باعتبارهن درع حماية داخل الأسرة المصرية وهي عمود الأسرة، ولكن المحافظة يتم حرمان الإناث لمجرد أنهم إناث، وتفضيل تعليم الرجال أو لأن المدرسة تبعد عن المنازل أو زواج هؤلاء الإناث في سن صغير".
تضيف: "يراعي المجلس ليس فقط الأمية القراءة والكتابة فقط بل نعمل على محو الأمية الرقمية، بمعنى أننا بدأنا في تعليم السيدة كيفية استخدام ماكينات الصرف الآلي، والتعامل الإلكتروني، لكونه جزءً من مشروع مجموعات الادخار والإقراض الرقمي".
تستطرد: "يعمل المجلس القومي أيضًا على تدريب السيدات على عمل مشروع بإمكانيات بسيطة داخل منزلها وفي نفس الوقت يكون هذا المشروع مفيدًا للبيئة فهو مشروع أخضر، ولكن نريد دعمًا من هيئة محو الأمية وتعليم الكبار، عبر تقديم الأدوات المستخدمة في التعلم".