مش_مجاني| أضرار"دانيال" تلحق بأبناء المصريين العاملين في ليبيا أيضًا قبل العام الدراسي

Written By عبدالرحمن خليفة
2023-09-28 00:00:00

مش_مجاني | صباح السبت المقبل، تقرع المدارس أجراس الحصة الأولى، وتستعد مدرجات الجامعات لاستقبال طلابها الجدد والقدامى، وقبل أن تصيح صفوف التلاميذ "صفا وانتباه"، تصطف الأسرة المصرية فى مواجهة معركة موسمية طاحنة، تختلف كثيرًا عن سابقتها فى ظل ارتفاع تشهده كل مستلزمات تجهيز أبناؤها.

يقف أولياء الأمور أمام جبهات متعددة تقصف جميعها جيوبهم في آن واحد، بداية من المصروفات الدراسية ومستلزماتها والملابس والكتب والدروس، التي تشهد جميعًا ارتفاعات متلاحقة ما بين انخفاض الجنيه وارتفاع الدولار  ومآسي عمالنا فى ليبيا، ناهيك عن ارتفاع الاحتياجات المعيشية نفسها ما بين أجور وأغذية وسلع. 

فى هذا الملف نرصد كل الأصوات، الطلاب وأولياء الأمور والباعة، حيث يبحث الجميع عن كيفية تدبير عبورهم لأزمة، تتصدر فيها مشهد أساسي؛ التعليم .. مش مجاني.

في اليوم الأول من عامي الجامعي الأول لن أكن بين أقراني، بل سأكون في المطعم الذي أعمل فيه بالقاهرة، أؤدي المهام المطلوبة مني، لعلي أستطيع أن أوفر النفقات التي تمكنني أن ألتحق بزملائي في الكلية من جديد.

هكذا بدأ محمد عصام، الذي يلتحق هذا العام بكلية التربية الرياضية التابعة لجامعة المنيا، يتحدث عن اضطراره للذهاب إلى العمل بدلًا من الدراسة حلًا للموقف الذي وجد نفسه فيه، بعدما أثرت عاصفة دانيال التي حلت في ليبيا على عمل والده، مما حال بينه وبين قدرته على تدبير مصاريف بداية العام الدراسي.

يعمل والد محمد في بني غازي - ليبيا منذ عامين ونصف، حينما انتقل من مركزه "سمالوط" إلى هناك بحثًا عن باب رزق يحسن من دخله ويساعد به أسرته التي تكبر وتزداد مصاريفها. ساعد ذلك محمد قليلًا في أن يتوقف في بداية هذه الإجازة عن العمل الذي اعتاده منذ أن بلغ 16 عامًا.

اعتمد الشاب على أن يقوم والده بإرسال نفقات بداية الدراسة له، على أن يقوم هو بالاستعداد لعامه الجامعي الأول، إلا أن "دانيال" أوقف هذه الترتيبات، فالإعصار الذي خلّف سيولًا أدت إلى دمار مدينة درنة تقريبًا وأدى إلى أضرار بشرية ومادية أثرت على ليبيا بكاملها، كان نتائجه الأولى على الأقل توقف العمل في المحافظات الأخرى، من ضمنها بني غازي الذي يعمل فيها عصام، والد محمد.

كان الهم الأول للأسرة في المنيا بالطبع الاطمئنان على أبيهم وأقرانه في ظل الأخبار المتلاحقة عن حجم الأضرار التي أدت إليها السيول هناك، إلا أنهم أيضًا كان لابد أن يتحركوا حتى لا يثقلوا على الأب المغترب أيضًا في السؤال عن إرسال أية نفقات، فما كان من محمد أن توجه سريعًا إلى القاهرة، للعمل وتدبير المصاريف الأساسية التي يحتاجها للانضمام إلى الكلية، خصوصًا الزي الرياضي الذي تشترطه الدراسة، يقول: “والدي في ظروف صعبة، ويجب ألّا أثقل عليه".

يقول عصام، والد محمد، أن العمل توقف منذ بداية تغير الأحوال الجوية وانقلابها إلى سيول، ولم يعد إلا يوم الأحد 24 سبتمبر. يضيف في مكالمة معه عبر الانترنت: “كنت زعلان لعدم توفير المصاريف له، وكان لدي فلوس عند صاحب شغل ليبيا، لكن لم استطيع مطالبته بها الآن مراعاة للظروف".

يشير عصام أن الأزمة أثرت على المقيمين داخل ليبيا، وتابع: "كنت حزين أن محمد اضطر للعمل لأني لم ارسل له مصاريف بداية الدراسة، ولكن مبسوط أنه قادر على الاعتماد على نفسه". 

نفس الأمر تقريبًا تكرر مع أم عمر، 35 سنة، التي وجدت نفسها في أزمة لتدبير نفقات شراء الاحتياجات الدراسية لأبنائها. فالأب الموجود في ليبيا للعمل، تأثر بالاضطراب الذي حدث في مختلف الأعمال هناك بعد الإعصار. 

لا تعمل أم عمر، فهي ربة منزل، تقول: “ليس من المهم ارسال المصاريف المهم سلامته والاطمئنان عليه، وأما عن مسلتزمات المدرسة للأبناء، فقمت بتدبير أموري بمبلغ كنت أدخره منذ فترة، كما قررت أن استغنى عن شنط المدرسة هذا العام، وجعلت أبنائي يستخدمون شنط العام الماضي وهذا بسبب غلاء الأسعار الذي لم اراه من قبل”. 

يعلق الزوج حسام خالد، في مكالمة عبر الانترنت أيضًا أجريناها معها، بأن الظروف في الوقت الحالي داخل ليبيا صعبة.

ويقول الأربعيني الذي يعمل في ليبيا تقريبًا قرابة 12 عام في مجال السباكة، أنه كان يعتاد على أن يدبر نفقات بداية العام الدراسي في سبتمبر من كل عام ويرسلها لزوجته لتقوم بشراء مستلزماتها أو حتى إرسال بعض المستلزمات من ليبيا نفسها إليها، إلا أن أحداث الإعصار أحدثت اضطرابًا أثر على الجميع الذين يحتاجوا إلى تحمل الأمر حتى تعود الأمور إلى طبيعتها من جديد.

وتقدر الجهات الحكومية الليبية أن الإعصار وما أعقبه من سيول خلف نحو 4 آلاف قتيل وأكثر من 20 ألف مفقود، وتتوقع منظمات دولية ارتفاع هذه الحصيلة لأرقام أعلى من ذلك، بينما ترك خلفه تدميرًا كبيرًا في مدينة التي تقع في شرق الدولة.

وقد فقدت مصر عدد من أبناءها العاملين في درنة وقت الاعصار، وقد وصل إليها 87 جثمان منهم 68 من قرية واحدة فقط  في محافظة بني سويف، بينما لا زال هناك عدد من المفقودين الذين لم تظهر نتائج البحث عنهم حتى الآن.