"انقذوا أهالي أبو الريش".. استغاثة لحل أزمة "النزلات المعوية" في أسوان

صورة أرشيفية لمستشفى بأسوان

Written By فاطمة محمد - حبيبة إبراهيم
2024-09-25 11:54:37

على مدار الأيام الماضية اشتكى عدد كبير من أهالي أسوان بسبب تزايد عدد الإصابات بـ"النزلات المعوية"، تحديدًا في قرية أبو الريش قبلي وقرى مركز دراو، وبسبب الأزمة نشر الأهالي استغاثاتهم عبر هاشتاج "انقذوا أهالي أبو الريش" في محاولة منهم لجذب الأنظار إليهم بهدف التحرك من الحكومة لتنفيذ مطالبهم، والتي تتمثل في تغذية المنطقة بالمياه من محطة جبل شيشة بدلًا من محطة الشيخ علي- المعروف باسم مرشح أبو الريش-، وإيجاد حل اختلاط مياه الصرف مع مياه الشرب.

تقول أماني مأمون، محامية تسكن بمنطقة نجع الشلباب ومتفاعلة بالهاشتاج، لـ"عين الأسواني" عن معاناة قرية أبو الريش قبلي قائلة: "كل من يريد أن يعلم القصة كاملة عليه ألا يتبع الشائعات، ويبحث فقط عن مركز أبو الريش وإصابات أهله المتكررة يوميًا به".

وعبر الوسم، أشارت أماني إلى أن الأزمة ترجع إلى مخر السيل الذي يبدأ بمنطقة شركة الصناعات الكيماوية المصرية "كيما"، الواقعة في الجنوب الشرقي من المحافظة، وكان المخر في البداية الغرض منه حماية المنطقة من الغرق في حالة هطول السيول "لكن مع الوقت تحول مخر السيول لسبب يهدد أرواح الناس عن طريق الإصابة بالأمراض، بسبب تحوله إلى مصرف صحي للأهالي".

ويبدأ مخر السيل بمنطقة كيما وينتهي بالجُزيرة بجوار مصنع الكوكاكولا بمدخل مدينة أسوان. تشير أماني إلى أن مصنع كيما يلقي مخلفاته الكيميائية بمخر السيل أيضًا، كذلك مستشفى الصدرية، وتعلق:"قرية أبو الريش هي أقرب نقطة لشبكة المياه اللي بتسحب مياه النيل المخلوطة بالمخلفات والصرف الصحي للقرية، نظرًا لعدم وجود محطات صرف صحي بها". 

بداية الأزمة

تبدأ الأزمة بحسب أماني منذ عام 1997، إذ تعرض أهالي قرية أبو الريش للعديد من المشكلات الصحية بسبب المصب، مضيفة أن الدولة لم تتحرك حينها لحل الأزمة، وبمرور الوقت جرت تغطية المصب للتجميل في عهد محافظ أسوان السابق، سمير يوسف، عام 2002، "ومن هنا بدأت تظهر الروائح بسبب التغطية"، ولم تُحل المشكل جذريًا حتى الآن.

ونفت شركة كيما في بيان، أصدرته الأحد، عن تلك المزاعم، مؤكدة أنها تصرف مخلفاته بطرق لا تؤثر على البيئة. ويقع مخر السيل الذي كانت تصرف فيه "كيما" مخلفاتها قبل سنوات، على بعد 4 كم من محطة ترشيح مياه أبو الريش، وهي إحدى القرى مرتفعة الإصابات.

وفي تقرير سابق، صرّح مصدر من شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان، لـ"عين الأسواني" شريطة عدم الكشف عن هويته، بأن "المصنع كان يصرف مخلفاته في محطة وادي العلاقي للصرف الصحي، لكن الأمر لم يدم لوجود مشاكل فنية أدت إلى تعطل الصرف، ليعود المصنع إلى إلقاء مخلفاته بنهر النيل، عن طريق تصريفها بمخر مصرف السيل المتصل بالنهر".

وعد أهالي أبو الريش

وأشارت أماني إلى الوعود التي تلقتها أهالي قرية أبو الريش أكثر من مرة، على مدار السنوات الماضية، برفع كفاءة مرشح المياه أو تحويل مسار المياه من جبل شيشة إلى أبو الريش، ولكن لم يحدث ذلك. وعند زيارة الرئيس سنة 2017، أعطى أوامر بوقف الصرف مخر السيل، ولكن لم يُنفذ هذا القرار حتى الآن. 

وأقامت أماني دعوى رقم 4562 مع المحامي محمد حربي، بمحكمة القضاء الإداري لوقف الصرف في النيل من أهالي قرية أبو الريش، والحصول على حكم قضائي في سنة 2021 بوقف الصرف، ولكن الدولة طعنت في الحكم، بحسب ما ذكرت أماني. 


كما قدّمت أيضًا عدد من الشكاوى موجهة لمجلس الوزراء، خاصة بغرق المنازل بسبب البيارات المستخدمة لعدم وجود شبكة الصرف الصحي-طالب بها أهالي أبو الريش مرات عديدة- خلال السنوات الماضية، وكانت تُحل المشكلة بشكل مؤقت، وتعود مرة أخرى.

ومنذ بداية حالات التسمم، كثّفت أماني الحديث عن أزمة القرية عبر هاشتاج "انقذوا أهالي أبو الريش" للمطالبة بوقف محطة الشيخ علي بأبو الريش عن تقديم المياه للمنطقة، وتغذية القرى من محطة جبل شيشة، وطالبت أيضًا بالعمل فورًا في مشروع الصرف الصحي في قرى أبو الريش بسبب اختلاط مياه البيارات مع مياه الشرب.

تقول في حديثها أن النشر والتفاعل على الوسم في البداية اقتصر على معارفها، بالإضافة إلى فريق العمل، لكن مع ازدياد الحالات تفاعل كثيرون، آملة أن يتم تنفيذ مطالبهم وإنقاذهم من الأمراض المنتشرة "احنا أهلها وعارفين وجعها كويس".

وقد جاءت تصريحات وزير الصحة، الدكتور خالد عبد الغفار، عبر المؤتمر الذي عقده يوم الإثنين الماضي بأسوان، أن "بعض الأهالي في أسوان قاموا ببناء بيارات صرف صحي قريبة من مصادر مياه الشرب، بالإضافة إلى رصد بعض وصلات المياه العشوائية"، تعلق أماني أن الأهالي اضطروا إلى بناء بيارات لعدم وجود شبكات صرف صحي بالقرية "وده دور الوحدة المحلية وأجهزة الدولة، طيب الأهالي يعملوا ايه؟!". 

الأزمة في طريقها إلى حل

وأضاف حمدي أبو يوسف الشيخ، يسكن بنجع الشيخ علي بمنطقة أبو الريش قبلي: "بعد انتشار الهاشتاج وازدياد الحالات، وعدنا محافظ أسوان بتنفيذ مطالبنا بربط خط أبو الريش محطة جبل شيشة خلال أسبوع ووقف العمل بمرشح أبو الريش"، كما أضاف أن مشروع الصرف الصحي التابع لمبادرة "حياة كريمة" سيقوم بالعمل خلال الأيام القادمة بسبب تهالك شبكة المياه ومرورها بجانب البيارات و"الطرنشات" الخاصة بالصرف في القرى.

وأكمل حمدي كلامه قائلًا: "نحن في مصاب شديد، ولا أبالغ إذا قلت لا يكاد بيت في أبو الريش لم تحدث فيه إصابة، لكن ما بين ضعيفة ومتوسطة وقوية، فهناك حالات استدعت الحجز داخل المستشفى، وأغلبهم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمناعة الضعيفة".

واستكمل قائلًا إن ابنه الأصغر، البالغ من العمر 10 سنوات، أصيب أيضًا قبل أسبوع بإسهال وقيء وارتفاع في درجة الحرارة، وتوجه حمدي به إلى مستشفى الجرمانية وتلقى العلاج بين محاليل وريدية وحقن ومطهرات، وكان تشخيصه نزلة معوية نتيجة التلوث "والحمد لله تم الشفاء".

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان المصري، الدكتور خالد عبد الغفار، خلال مؤتمر صحفي عقده الاثنين، عقب جولة قام بها في عدد من مستشفيات أسوان، إن نتائج الفحص الظاهري للعينات التي تم الحصول عليها من المرضى تؤكد وجود عدوى بكتيرية قولونية "البكتيريا الإشريكية"، المعروفة باسم "الإي كولاي"، وهي بكتيريا موجودة في أي شيء مُعرّض للتلوث، سواء مياه ملوثة بالبراز أو الطعام الملوث بالماء الذي يحتوي على الميكروب.

وأوضح عبد الغفار، أن حدة الأعراض تختلف مع اختلاف سلالات البكتيريا الاشريكية، التي هي "حالات إسهال وقيء وغثيان، وارتفاع بسيط في درجات الحرارة، وتزداد مع بعض السلالات المتحورة، خاصة مع الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مناعتهم ضعيفة"، فيما بلغ عدد المصابين 480 شخص تم رصدهم منذ يوم 13 سبتمبر من خلال المستشفيات الحكومية، مع إغفال الحالات التي تتردد في العيادات الخاصة.