مش_مجاني | صباح السبت المقبل، تقرع المدارس أجراس الحصة الأولى، وتستعد مدرجات الجامعات لاستقبال طلابها الجدد والقدامى، وقبل أن تصيح صفوف التلاميذ "صفا وانتباه"، تصطف الأسرة المصرية فى مواجهة معركة موسمية طاحنة، تختلف كثيرًا عن سابقتها فى ظل ارتفاع تشهده كل مستلزمات تجهيز أبناؤها.
يقف أولياء الأمور أمام جبهات متعددة تقصف جميعها جيوبهم في آن واحد، بداية من المصروفات الدراسية ومستلزماتها والملابس والكتب والدروس، التي تشهد جميعًا ارتفاعات متلاحقة ما بين انخفاض الجنيه وارتفاع الدولار ومآسي عمالنا فى ليبيا، ناهيك عن ارتفاع الاحتياجات المعيشية نفسها ما بين أجور وأغذية وسلع.
فى هذا الملف نرصد كل الأصوات، الطلاب وأولياء الأمور والباعة، حيث يبحث الجميع عن كيفية تدبير عبورهم لأزمة، تتصدر فيها مشهد أساسي؛ التعليم .. مش مجاني.
ذهبت منذ أيام شهد محمد، طالبة الصف الثاني الثانوي "علمي" إلى المكتبات، الأسعار أصابتها بالصدمة، إذ وجدت متوسط سعر الكتاب الواحد بين 150 إلى 200 جنيه، وهي تدرس هذا العام 8 مقررات للفصل الواحد، أي أن عليها دفع أكثر من 1000 جنيه ميزانية كتب خارجية فقط، بالإضافة إلى المصروفات الدراسية الأخرى التي ستدفعها للاستعداد للعام الدراسي الجديد، في حين كان متوسط سعر الكتاب الواحد العام الماضي بين 56 إلى 120 جنيه.
قررت شهد الاكتفاء بشراء الكتب الخارجية للمواد الدراسية الصعبة التي تحتاج لشرح وتدريبات أكثر، فيما خاضت رحلة البحث عن كتب خارجية من العام الماضي من معارفها؛ للتخفيف من المبالغ التي ستدفعها للكتب.
وتوضح لـ"عين الأسواني": "لا شك أن الكتب مهمة للمرحلة الثانوية التي تعتمد الدراسة فيها على التابلت بدلًا من الكتب الورقية، لذا أفضل شراء الكتب الخارجية؛ لأنني أذاكر لساعات طويلة لتجنب ضرر العين عند استخدام شاشة التابلت لوقت طويل".
شهد وجدت حلًا، فماذا عن الآخرين؟.. قررت بعض الأسر تصوير نسخ من الكتب الخارجية وتحميلها على الانترنت، وهي طرق حاولوا بها تقليل نفقات الكتب، على الرغم من عدم تبعية النسخ للشركة المصدرة للكتاب.
أم إبراهيم، واحدة من الأمهات بدأ طفلها الدراسة في الصف الرابع الابتدائي، وهي مرحلة انتقالية مهمة لطلاب المرحلة الابتدائية لما تحتويه من مقررات دراسية مكثفة ومناهج جديدة، هذا العام لم تشتر سوى ثلاثة كتب من أصل خمسة، نظرًا لارتفاع الأسعار.
وتضيف: "قررت تحميل نسخة pdf من مادتيّ الدراسات والعلوم على تابلت كان يستخدمه أحد أولادي عندما كان في المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى مشاهدة فيديوهات المدرسين على اليوتيوب؛ لأن شراء جميع الكتب مثل كل عام سيكلفني هذا العام 600 جنيه أما الكتب التي اشتريتها فكلفتني 390 جنيه، بالمقارنة بالعام الماضي الذي أنفقت فيه 190 جنيه فقط".
أم صفاء، هي الأخرى استغنت عن بعض الكتب؛ لتخفيض الإنفاق على الكتب الخارجية، لديها طفلة في الصف السادس الابتدائي، وباقي أبنائها تخطوا مرحلة الدراسة.
بحثت صفاء عن مبادرات بيع الكتب المستعملة والتي سمعت عنها من جارتها، وهي مبادرات تنظمها جمعيات أو أفراد تجمع الكتب القديمة من الأسر لبيعها بسعر مخفض.
وأوضحت: "عاينت الكتب لشرائها رغم أنها من العام الماضي وقديمة و مستعملة لكن البعض استغل الأزمة لبيعها بنفس سعر الكتاب في العام الماضي، رغم أن حال الكتب مكتوبة بالرصاص أو بعضها غير مكتوب بسعر 50 من 70 جنيه بنفس أسعار الكتب الخارجية العام الماضي، وهناك كتب مكتوب بها في أغلب صفحاتها تباع بـ 15 إلى 20 جنيه.
وكان قد أشار بركات صفا عضو مجلس إدارة شعبة الأدوات المكتبية فى أغسطس الماضي في برنامج "صالة التحرير" الذي يبث على فضائية "صدى البلد" إلى أن زيادة الأسعار جاء نتيجة زيادة التكلفة على المطابع في شراء الورق والأحبار بالإضافة إلى صعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج، وارتفاع سعر الدولار مما أثر على أسعار الكتب الخارجية، مضيفًا أن هناك مشكلة في استيراد الأدوات المكتبية التي لا تُعامل مثل السلع الترفيهية عند طلب استيرادها.
وتقول أميمة الحسيني، صاحبة مكتبة لبيع الكتب الخارجية لـ"عين الأسواني"، إنه رغم ارتفاع الأسعار للكتب الخارجية إلا أن الإقبال لم يتأثر، فالكتب أمر أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه، وتضطر الأسرة لشرائها خاصة للدروس الخصوصية.
وأضافت، أنه بالنسبة للأسعار فالزيادة بمقارنة الفصل الدراسي الثاني للعام الماضي وهذا العام ليست كبيرة؛ لأن الكتب بدأت في الارتفاع منذ وقتها لكن بمقارنة الفصل الدراسي الأول للعام الماضي وهذا العام فالزيادة كبيرة بحوالي الضعف، والزيادة الأكبر في كتب اللغات.
وعن حركة البيع توضح: "في الماضي كانت الأسرة تشتري جميع الكتب مرة واحدة لكن هذا الفصل الدراسي تشتري الأسرة الكتب على دفعات حسب حاجة الطالب لها وهناك بعض الحالات تشتري الكتب بالتقسيط لكن هذا لبعض الحالات التي أثق بها".
وواصلت: "البعض يشتري كتب مستعملة في حالة المذاكرة بدون الاستعانة بالدروس الخصوصية لكن بعض الأسر تعود لشراء الكتب لأن النسخ المستعملة القديمة بها بعض الاختلافات في ترتيب الصفحات، وهناك بعض معلمي الدروس الخصوصية ترفض ذلك، وبعض الأشخاص التي تتردد على المكتبة تطلب تصوير الكتاب بدلًا من شرائه وأرفض حماية لحقوق النشر، وهناك حلًا آخر ببيع الكتب الفائضة من العام الماضي بنفس السعر القديم قبل ارتفاع أسعارها، وبعض المكتبات اتفقت على عمل تخفيض بنسبة 10% على الكتب من أجل البيع".
