اعتاد "أشرف محمد" أحد مزارعي قرية أبو الريش بحري بمدينة أسوان، جمع تمور نخيله بعد نهاية كل موسم، والاتجاه إلى القاهرة كمدينة يضمن بيع محصوله بها؛ لتمركز أصحاب مصانع وشركات تعبئة وتغليف التمور.
"البرتمودي" و"الساكوتي" نوعان من أنواع التمور التي زرعها "أشرف" هذا الموسم، والذي شهد تغيرات مناخية، فيروي "أشرف" لـ"عين الأسواني"، أن التغير المناخي الذي طرأ هذا الموسم من عدم انتظام المناخ الحار والبارد، أثّر على بعض الأنواع من التمور التي يزرعها، فبعضها أصبح موعد حصادها قبل توقيته المعتاد، ويضيف قائلا: الموسم الجديد لزراعة التمور لم يأت بعد، فبالتالي ليس لدينا توقعات عن درجة تأثر المحصول الجديد، خاصة أن هذا العام كانت المرة الأولى التي نواجه فيها مشكلة عدم استقرار المناخ، ومن جانب آخر هناك أنواع رطبة من التمور لم تتأثر بالتغير المناخي الموسم الحالي، ومن الممكن أن تظل في النخلة لفترة، لكن ليس عليها إقبال إلّّا بعد أن نصنع منها عجوة، وهذه أزمة أخرى يشير إليها لأن مصانع العجوة غير موجودة في المحافظة بل في مناطق أخرى بمحافظة الوادي الجديد والوجه البحري.
وفقا للدكتور "عمر عبدالحارث" أستاذ مساعد بمعهد بحوث البساتين، فإن زراعة التمور في أسوان تبدأ بين نهاية شهر يناير ونصف فبراير، لكن هذا العام بدأ عملية التلقيح بين شهري مارس وأبريل نتيجة التغيرات المناخية، بالإضافة إلى امتدادها هذا الموسم لتستغرق شهرا ونصف على غير العادة، حيث كانت في الماضي تستغرق ثلاثة أسابيع.
يقول "عبد الناصر عبد الباري" أحد مزارعي التمور بقرية الرمادي بمركز إدفو، لـ"عين الأسواني"، أن هذا الموسم كان مفاجئا للمزارعين، مشيرًا إلى أن المزارعين في حاجة إلى التوعية بما يمكن أن يشهدوه من آثار أزمة المناخ، وكيفية مواجهته، وأضاف: "نحن كمزارعين ما زلنا نعتمد على طريقة الزراعة التقليدية التي تعلمناها من أجدادنا”.
لم يتلق مزارعو التمور في المحافظة حتى الآن أي إرشادات خاصة بكيفية تعاملهم مع أية آثار ناجمة عن التغيرات المناخية، ورغم أن محافظة أسوان استقبلت المهرجان الدولي للتمور في الثامن من أكتوبر الماضي، وحضره أغلب مزارعي التمور في المحافظة، لم تتناول فعالياته التي استمرت ثلاثة أيام، أزمة تغير المناخ وتأثيره على الزراعة، بل اختصت بمناقشة خطة تطوير صناعة التمور كأحد المحاصيل الاستراتيجية بالمحافظة، وإتاحة الفرصة للمستثمرين والمنتجين والمصدرين للتعرف على مزايا التمور الأسوانية، وإنشاء مصانع لمنتجات التمور وفتح قنوات اتصال بين المزارعين والتجار والشركات المتخصصة لتسويق تمور أسوان.
يروي "محمد آدم" أحد مزارعي قرية وادي عبادي بإدفو، لـ"عين الأسواني"، أن محصوله لم يطرأ عليه تغير هذا العام؛ لأنه زرع نوعا واحدا، وذلك على عكس المزارعين الذين استهدفوا زراعة أكثر من نوع، ويوافقه الرأي "خميس سيد" مزارع تمور بقرية الكوبانية قائلا: اعتدت زراعة التمور في شهري مارس وسبتمبر، لكن مع التغيرات في المناخ اضطررت لتأخير موعد الغرس لمواكبتها، فأنا أهتم بمحصولي بمفردي بدون دعم من النقابة، وأواجه المشكلات بمفردي من زيادة أسعار الأسمدة والعمالة التي تتراوح بين 5 و6 عمال.
من جانبه، أوضح الدكتور "الحسيني حمد" باحث بمعهد بحوث الفاكهة الاستوائية، لـ"عين الأسواني" أن التغير المناخي سيؤثر على الخريطة الزراعية، وبالتبعية ستتأثر محاصيل التمور، لكن ستكون هناك ميزة، فالتمور الأسوانية تنقسم إلى ثلاث فئات من حيث مواعيد نضجها بين أصناف مبكرة النضج ومتوسطة ومتأخرة، بعض الأصناف ستنضج مبكرا لتكيفها مع هذا التغير المناخي، وهي التي من الأفضل أن يتجه المزارعون لزراعتها مثل منكابي وبرتمودا، وسكوتي وشامية، لكن الأصناف متوسطة النضج هي التي ستتأثر، وهذا لا يعني أن نوقف زراعة تلك الأصناف، فيمكن معالجة ذلك عن طريق استخدام بعض المواد الزراعية كالسيليكون والأحماض الأمينية للمساعدة في التقليل من الإجهاد البيئي على النبات.
وبالنسبة للإنتاج فأسوان تمتلك 3 مليون نخلة وحوالي 33 نوعا من التمور تقريبا، فما يحتاجه المزارعون كي نصل لمستوى مزارعي محافظة الوادي الجديد، هي معاملات ما بعد الحصاد والتسويق للمنتج، وهذا ما خطط له مهرجان التمور عن طريق مناقشة إنشاء مصانع لمنتجات التمور.
قال الدكتور "عمرو محمود" مدير الحديقة النباتية بأسوان إن من الحلول المقترحة لمواجهة التغيرات البيئية على التمور، تخزين كميات من حبوب اللقاح؛ لتلقيح النخيل الذي يطرح مبكرا قبل طرد الأغاريض (بداية النبتة) الذكرية، وزراعة مصدات رياح بكثافة حول مزارع النخيل وتكييس الأغاريض (بداية النبتة) الأنثوية بعد التلقيح؛ لتدفئة الأغريض لكىي يحدث الإخصاب، وتقارب عدد مرات الري، وزراعة الأصناف التي تتلاءم مع التغيرات المناخية المؤثرة في كل منطقة زراعية.
وعن الدعم المادي للمزارعين أفاد "حازم عبد المنعم" نقيب الزراعيين بأسوان، أن دور نقابة المهن الزراعية يقتصر على الدعم الفني للمزارعين فقط، من توعية وإقامة ندوات لطرق الزراعة من تقليم وتلقيح والاهتمام بعملية الري، لكن للحصول على الدعم المادي من الممكن أن يلجأ المزارع إلى البنك الزراعي لأخذ قرض بضمانات توريد المحصول، أو مبالغ مالية بعد توريده المحصول.