النميمة والغيبة يعتبرا شكلاً من أشكال التنمر، ونوعٌ من أنواع الخيانة والكذب، فحديثك بالسوء عن صديقك أو أحد أقرباءك، خلف ظهورهم، يؤكد عدم اهتمامك بمشاعرهم، وهو أسهل الطرق لفسخ العلاقات.
ورغم قبح الفعلين، إلا أن هناك فوارق بينهما، فالنميمة هي الحديث على الآخرين بنية إطلاق إشاعة، أو نقل الحديث السيئ من شخص لآخر، للتفرقة بينهم.
أما الغيبة، فهي ذكر الشخص بما يكره من عيوب فيه، عند غيابه، بدلًا من مواجهته، وتهدف دائمًا لتلطيخ سمعة شخص ما.
وانتشار الغيبة والنميمة، لا يقتصر على زمن ما، أو جيل بعينه، أو طبقة اجتماعية وحدها، فعلى مر العصور، كانت أرقى طبقات المجتمع، كالنبلاء مثلا، يقيموا حفلات شاي خصيصًا، للغيبة والنميمة، فتقدم النميمة والغيبة، كأحد وسائل الترفيه، وبالطبع احتلت النميمة والغيبة مكانًا، ولكن بشكل أبسط وأقل تكلفة لدى لطبقات الأدنى.
ولا تقتصر الغيبة والنميمة على نية السوء، فهناك من يقدم عليهما، ولا يعرف أنه أخطأ، فهما كالسم ينتشران، فما إن يبدأ احد الأطراف بالنميمة، حتى يلحقه الآخر فوراً، بشكل لا إرادي، حتى وإن كان رافضاً للأمر، بل ويجد نفسه مندمجاً بالحديث، وكأنه يتحدث عن شيئهُ المفضل، ويحدث ذلك غالباً، لعدم إيجاد موضوع يهم الطرفين للحديث عنه، فيتحول مجرى الحديث عن الغيبة والنميمة عن الآخرين، وقد يكون دافعهم هو التفاخر بمعرفة تفاصيل ما عن حياة الآخرين، رغم أن النميمة والغيبة، دلائل على جهلٍ وليس معرفة.
أما من انطلق في النميمة والغيبة، بنية السوء، فدافعه غالبًا، كونه على علاقة سيئة بشخصٍ ما، فينُم عليه ويغتابه، بهدف جرح مشاعره أو إهانته بطريقة غير مباشرة وتلطيخ سمعته لدى آخرين.
الطريف والمفارقة، هو أن هناك نميمة وغيبة إيجابية، كإن تتحدث عن أحدٍ، بذكر صفاته الجيدة، كأن تمدحه وتُشيد به، فهو جانبٌ إيجابي، أوأن تحذر شخص ما من شخص سيؤذيه، محاولًا حمايته من الاستغلال.
ورغم تلك الإيجابية، فبينها وبين السلبية الشديدة خيط رفيع، لذا يجب علينا الحذر و ألا نلتمس لأنفسنا العذر للتعامل معهما متى شئنا.