لا أتذكر كيف تحولت إلى فراولة، كل ما أتذكره هو استيقاظي ذات يوم لأجدني حبة حمراء صغيرة، امتلأت رأسي بحبيبات بيضاء، اعتلتها وريقات خضراء. بالتأكيد، أخذت وقتي في النمو والتحول من اللون الأخضر إلى الأحمر، وبالطبع، صبر المزارع على شجرتي حتى نضجت ليقطفني، ويُجمعني مع إخوتي في أقفاص، غلّفنا تمهيدًا لبيعنا للتاجر، الذي اشترانا جميعًا ووزعنا على أصحاب المقاهي.
غسلني "دقدق" القهوجي، ووضعني في صندوق مُجمّد الأطعمة، اختبرتُ - لأول مرة - معنى البرد القارس. مرت الأيام وأنا مُجمّدة، حتى اليوم الذي طلبني أحدهم، كان شابًا جميلًا في بداية حياته، على موعد مع حبيبته، ليتفقا على موعد خطبتهما، أجلسها أولًا، ثم نادى على "دقدق"، طلب منه كوبين من عصير الفراولة المثلجة.
جلبني دقدق من المجمد، وضعني في الخلاط، ضربني مع قليل من الماء، ثم عصرني ليزيل مني الشوائب، ورش بعض السكر فوقي، في طريقه لتقديمي.
تعثّر لسوء الحظ، فانسكبتُ منه على الأرض، اختلطتُ بالتراب والطين، تحسرتُ على حالي، لكنه أتى بإخوتي من المطبخ وحوّلهم إلى عصير، ثم قدمهم للشاب وحبيبته، شربا والضحكات ترتسم على وجهيهما. أعطى الشاب لدقدق علاوة نقدية تحية له وشكره، وبينما كنت أتخيل اخوتي في فمهما، يتنقلا من البلعوم إلى المعدة، صرختُ بشدة، ثم فتّحت عيناي، لأجدني لا أزال على سريري.