تبدأ الجامعات في الوقت الحالي للاستعداد لامتحانات الفصل الأول الدراسي، في الوقت الذي تعود فيه "الأسئلة المقالية" ضمن الامتحان، بدلًا من الاعتماد فقط على نظام امتحانات "البابل شيت"، ويثير ذلك التغيير "المفاجئ"، على حد وصف الطلبة ارتباكًا بينهم، وتحديات تُضاف للعام الدراسي.
في 23 نوفمبر الماضي كان قد قرر المجلس الأعلى للجامعات العودة إلى الأسئلة المقالية، اعتبارًا من امتحانات العام الدراسي الجاري 2024\2025، وفي تصريحات صحفية لـ"المصري اليوم" أيد الدكتور حسين خالد، وزير التعليم العالي الأسبق، قرار المجلس الأعلى للجامعات بعدم اقتصار امتحانات الجامعات، سواء للكليات العملية أو النظرية، على نظام "البابل شيت"، مُشيرًا إلى أن الأسئلة المقالية مهمة فى تقييم الطلاب لأنها تعبر عن فهمه وتعبيرهم للمادة.
توتر وصدمة الطلاب
من جامعة سوهاج تشعر الطلبة بصدمة شديدة من القرار المفاجئ، ففي رأي عهد الفخراني، طالبة بكلية تربية عام قسم لغة إنجليزية، أن توقيت القرار سيء "لأنه لا يراعي الحالة النفسية للطلاب الذين يحتاجون إلى التكيف التدريجي مع أي تغيير".
خلق القرار لدى عهد حالة من التوتر، إذ أشعرها بالارتباك من التنقل المستمر بين أنظمة امتحانات مختلفة، مُوضحة بقولها "في ابتدائي كنا بنمتحن أسئلة مقالية، وبعد كدا انتقلنا لنظام البوكليت، وبعده التابلت، وأكملنا على نفس النهج في الجامعة، ودلوقتي بنرجع للنظام المقالي فجأة".
وسيكون من الصعب على عهد التأقلم سريعًا، خاصة أن الامتحانات على الأبواب، في يناير القادم، وبعد اعتيادها لفترة طويلة على الامتحانات ذات الأسئلة الاختيارية "احنا نسينا ازاي شكل الأسئلة المقالية!".
الأمر كان مُشابهًا لأسماء خميس، طالبة بالفرقة الثانية بكلية التربية النوعية بجامعة سوهاج، إذ تقول "اعتدت على نظام الأسئلة الاختيارية، بقيت أفهمه كويس وبعرف ازاي بيفكر الأساتذة أثناء وضع الأسئلة"، وتتكهن عن شكل الأسئلة الجديدة بقولها "ممكن يكون أكثر تعقيد، حيث يمكن أن يضع الدكتور سؤال يحتاج إلى إجابة مطولة ممكن توصل لثلاث صفحات".
ولمواجهة الوضع الحالي ستُخمّن أسماء بعض الأسئلة المقالية، والعمل على تجهيز إجاباتها "لكن في النهاية مش هغير طريقة مذاكرتي كثيرًا، فأنا معتادة على أسلوب معين وأراه مناسبًا لي".
أما عن توقيت القرار فترى طالبة تربية نوعية أنه سيئًا “لأنه جاء في وقت نحاول فيه إنهاء المواد استعدادًا لامتحانات منتصف العام”.
ديفيد سامي، طالب في العام الثاني بكلية التربية، يعبّر عن رأيه في القرار الجديد الخاص بنظام الامتحانات، بقوله إن لهذا القرار تأثيرًا مزدوجًا عليه، فله إيجابيات وسلبيات، لكن تأثيره السلبي يبدو واضحًا خاصةً على المدى القريب.
لم يمسك ديفيد بالقلم منذ المرحلة الإعدادية، حيث اعتاد على الاعتماد الكامل على امتحانات بنظام الاختيار من متعدد (MCQ) طوال السنوات الماضية، ومع اقتراب موعد الامتحانات يجد صعوبة في استرجاع مهارات الكتابة اليدوية واستعادة أسلوبه في التعبير.
من وجهة نظر ديفيد أنه كان من الأفضل تطبيقه على طلبة السنة الأولى بالكلية "ويكون القرار في بداية السنة عشان الطلبة يلحقوا يستعدوا"، في الوقت نفسه لا ينفي ديفيد إيجابيات القرار "لأنه يعزز أهمية الكتابة والتعبير في مادة اللغة الإنجليزية"، وهو القسم الذي يتبعه، لكنه يرى أن التأثير الإيجابي للقرار سيظهر على المدى البعيد وليس القريب.
وعن طريقته في الاستعداد للامتحانات سيضطر ديفيد للعودة إلى نهج الحفظ بدلًا من التركيز على الفهم، في رأيه أن ذلك الأسلوب سيُمكّنه من التكيف سريعًا مع التغيير المفاجئ في نظام الامتحانات، لكنه يخشى تأثير ذلك سلبًا على مستواه الدراسي "أتوقع أن ينخفض تقديري من جيد جدًا السنة اللي فاتت، إلى جيد أو أقل السنة دي".
بخلاف الطلبة الثلاث فرحت إيمان علي، طالبة بكلية تجارة الفرقة الثانية، فيما قالت "النظام القديم كان أسهل"، ففي رأيها أن ميزة الأسئلة المقالية أنها لا تحتاج معلومة معينة "لأن الأسئلة الاختيارية إما تكون الإجابة صح أو خطأ، لكن المقالي أقدر أكتب فيه وآخد درجات".
في الوقت نفسها لا تُخفي إيمان انزعاجها من حاجة النظام المقالي إلى مجهود أكبر في المذاكرة، كذلك خلال أداء الامتحان.
تعزيز مهارات الطلبة في الكتابة و"الغش هيقلّ"
أما بالنسبة لأساتذة الجامعات ترى وجدان ربيعي، أستاذة الأدب الإنجليزي بكلية الآداب بجامعة سوهاج، أهمية اعتماد الامتحانات التي تعتمد على الكتابة لتعزيز مهارات الطلاب في الكتابة والتعبير، لا سيما في كليات اللغات، وأوضحت أن الاعتماد الكلي على نظام الاختيار من متعدد (MCQ) يؤدي إلى إهمال الطلاب تطوير مهاراتهم الكتابية، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على النطق الصحيح للمصطلحات وممارسة اللغة بشكل فعّال.
وأشارت أن نظام الأسئلة الاختيارية يُسهّل عملية الغش بين الطلاب، مُضيفة "من وجهة نظري، الامتحان الكتابي يعكس بشكل أفضل مستوى الطالب الحقيقي ويُبرز مهاراته اللغوية".
أما بخصوص توقيت القرار، فترى الدكتورة وجدان أن الإعلان عنه في نهاية الفصل الدراسي وقبل ثلاثة أسابيع فقط من الامتحانات كان خطوة غير موفّقة، وقالت "كان من الأفضل إبلاغ الطلاب بالقرار منذ بداية الفصل الدراسي حتى يتمكنوا من الاستعداد بشكل كافٍ".
وأعربت عن التزامها بمراعاة ظروف الطلاب، مؤكدة أنها ستحدد لهم نطاقًا محددًا من المنهج للامتحان الكتابي، بدلًا من تغطية الكتاب بأكمله، مُتوقعة أن تزيد نسبة الأسئلة المقالية داخل الامتحان، في مقابل خفض نسبة الأسئلة الاختيارية “وهو ما سيساهم في تحقيق التوازن بين التقييم الكتابي والتقييم الموضوعي".
ويقول محمود الهواري، مدرس مساعد بالمعهد العالي للتكنولوجيا وإدارة المعلومات، أن قرار العودة إلى الأسئلة المقالية جيدًا، بل يعتبره متأخرًا بعض الشيء، إذ يرى أن نظام الأسئلة الاختيارية (MCQ)، يُحدث عدم تكافؤ في الفرص بين الطلاب، إذ كان العديد منهم يعتمدون على الإجابات العشوائية "بالتالي مالوش معيار واضح في إنه يعرف الطالب الشاطر والمذاكر من الطالب اللي مذاكرش"، بجانب ذلك يرى أن نظام الاختياري لا يسمح للمعلم بالتعرف على مدى فهم الطالب أو قدرته على التعبير عن أفكاره وشخصيته.
ومن جهة أخرى، يرى الهواري أن نظام البابل شيت ليس سيئًا، لكن تكمن المشكلة في طريقة تطبيقه بحسب رأيه.
على الرغم من أن القرار لن يؤثر بشكل كبير على طريقة تدريس الهواري، إلا أن المشكلة تكمن في طريقة مذاكرة الطلاب، ففي النهاية يقوم المعلم بشرح المناهج، ولكن يعتمد الأمر على الطالب نفسه، على حد قوله.
أما عن توقيت إصدار القرار، فيرى أنه غير موفق، إذ كان من الأفضل إعلانه في بداية الفصل الدراسي، وبالنسبة لتأثير القرار على الطلاب، يعتقد المدرس المساعد أن القرار سيكون له أثر إيجابي على الطلاب “سيحفز الطلاب على الدراسة بشكل أكثر دقة واهتمام”.
يرى أسامة حسين، مدرس مساعد مواد الإدارة والحاسب، أن قرار العودة إلى النظام المقالي مناسب جدًا للطلاب المجتهدين، مُوضحًا “لأنه سيساهم في ضمان حصول كل طالب على حقه، ولن يسمح للطلاب الذين يعتمدون على الغش بأخذ جهد غيرهم، كما كان يحدث في نظام البابل شيت، على حد قوله.
بالإضافة إلى ذلك يعتقد حسين أن القرار سيجبر الطلاب على المذاكرة بشكل جدي، ففي رأيه أن كثير من الطلبة نجحوا عن طريق الغش في نظام “البابل شيت”، ولم يهتموا بالمذاكرة أو الفهم العميق للمواد الدراسية.