نجع بلا مواصلات.. أهالي الشريفات: «أرهقنا السير على الأقدام»

Photographer: منةالله أشرف - عدد من سيدات النجع يحملن مشترواتهن ويعدن سيرًا في شوراع النجع الترابية

Written By منة الله أشرف
2024-02-21 00:00:00

يستيقظ رائد كارم، 13 عامًا، يوميًا قبل الطابور المدرسي بعدة ساعات كي يستعد للخروج في الصباح الباكر إلى الطريق سيرًا برفقة والده لمدة قد تصل إلى ساعة كاملة حتى يصل إلى مدرسته التي تقع في إدفا، مضطر إلى ذلك، فلا يوجد أي وسيلة مواصلات عامة على هذا الطريق كي يستقلها.

ونفس الطريق يتخذه رائد في طريق العودة بعد انتهاء يومه الدراسي ودروسه الخاصة. يسير هنا ببطء أكثر، فهو أكثر ارهاقًا، ما يؤثر على قدرته في التحصيل الدراسي.

ومعاناة رائد يعيشها 1760 نسمة في نجع الشريفات التابع إلى قرية إدفا محافظة سوهاج، ما بين موظفين وطلاب جامعات ومدارس جميعهم يعانون من عدم توافر مواصلات عامة لنقلهم من داخل النجع إلى خارجه، وعدم تمهيد الطريق بالكامل، مما يضطرهم إلى السير مسافات طويلة للوصول إلى مكان العمل أو الدراسة أو أية خدمات يحتاجون إليها خارجه.

ولا يبدو أن لهذه المعاناة حل قريب، فرغم الشكاوى التي تقدم بها الأهالي إلى المحافظة، والوعود التي تلقونها -خصوصًا مع كل دورة برلمانية – يستمر الوضع على ما هو عليه بالنسبة للأهالي الذين ليس لديهم خيار آخر إما السير على الأقدام لأقرب موقف للسيارات في نجع الغوانم على سبيل المثال أو تأجير سيارة خاصة وهو ما لا يقدر عليه الأغلبية هنا.

الوصول إلى مركز سوهاج نفسه يحتاج إلى ساعتين تقريبًا، نصف ساعة سيرًا على الأقدام، واقلال مواصلتين.

ضحى ناصر، طالبة بالمرحلة الجامعية، تشتكي من السير مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مواصلة، يضيف ذلك الأمر عبئًا جسديًا وماديًا عليها.

فيما اضطرت منال عبدالرحمن، إلى إلحاق ابنتها بأقرب مدرسة لها في أثناء التقديم، رغم سوء المدرسة وعدم وجود معلمين أو أنشطة، إلا أن أزمة الدروس ما تزال تواجهها حيث تضطر إلى السير لمدة نصف ساعة لأقرب سنتر للدروس.

وليست أماكن العمل والدراسة هي الأزمة فقط، ولكن يضطر الأهالي إلى السير مسافات للوصول إلى الأسواق من أجل شراء الاحتياجات الغذائية اللازمة أو ايجاد الخدمات الصحية، فهنا لا يوجد سوى وحدة صحية.

فالنجع لا يضم سوى مدرسة ابتدائي، اضيفت إليها قبل عام فصولًا لطلاب الإعدادية، أما الثانوي بكل تخصصاته يضطر طلابه إلى الخروج وتحمل قرار المعاناة.

تقول أم محمد، من أهالي النجع: «رغم كبر سني إلا إني أضطر إلى المشي لشراء احتياجات المنزل المعتادة فنحن لا نمتلك وسيلة مواصلات خاصة كالموتوسيكل أو السيارة حتى نستطيع التنقل بها».

وترى منى محمد، 48 عامًا، معلمة لغة إنجليزية، أن عدم وجود المواصلات يكاد يكون السبب الأول في ضياع مستقبلها الذي كانت تتمناه لها ولأطفالها، فكان أبنائها يمارسون رياضة «الكاراتيه» وكان مقر التدريب في مدينة سوهاج، مما كان يجعلها تسير لمدة نصف ساعة على الأقل مرتان أسبوعيًا برفقة أولادها الخمس، إما أن تأخذ وسيلة خاصة مثل التاكسي والذي يتكلف ماديًا.

توضح منى أن الحل الذي قدمته المحافظة للنجع هو تمهيد الطريق، ولكن ذلك الحل اصطدم بالحصول على الأراضي المخصصة للطريق، تعلق: "رفض ملاك الأراضي على الطريق التبرع بجزء من الأراضي لتمهيد الطريق، وتوقف الأمر عند هذا الحد".

الأعباء المالية التي تضطر منى إلى تحملها، كان نفس الخطوة لآخرين، تقول أسماء عثمان، طالبة، إنها تدفع 300 جنيه شهريًا، نظير وسيلة المواصلات الخاصة التي تنقلها هي وزملائها إلى المدرسة، بسبب عدم وجود مواصلات من منزلها إلى مدرستها.

وأحيانًا لا تستطيع هي وزملاؤها من النجع إيجاد وسيلة مواصلات، ويضطرون إلى الغياب من المدرسة.

أما إسراء عبد الوكيل 16 عامًا، اضطرت إلى نقل مكان إقامتها إلى أحد أقربائها بقرية إدفا حتى تكون قريبة من المواصلات، ولتتجنب التأخير عن مدرستها الثانوية، فيما حاول البعض استخدام الدراجات كوسيلة بديلة للموتوسيكل والتاكسي بسبب رفع الأجرة من قبل بعض السائقين.

يعلق على ذلك، أحمد منصور، أحد سائقي سيارات الأجرة في موقف الدير القبلي، بقوله: «نحن كسائقين لدينا خط سير معين يبدأ من منطقة الزعفراني بنجع الغوانم وصولًا إلى موقف الحويتي بمدينة سوهاج، لكن لا نصل إلى المناطق البعيدة مثل نجع الشريفات».

واقترح أن يتم مد مسار سيارات الأجرة وعمل موقف من وإلى نجع الشريفات، تسهيلًا على السكان لتكون وسيلة المواصلات أسهل من السير على الأقدام.

Photographer: منة الله أشرف - مشاهد من شوارع النجع الخالية من المواصلات