بين الرجل والمرأة.. لماذا نرى الانتحار بشكل مختلف؟

Photographer: تصميم/ باسم جنيجل

Written By رفيدة أشرف
2025-03-04 10:00:05

في المجتمعات الشرقية، تُعتبر قضايا الانتحار من المواضيع الحساسة للغاية، إلا أنها تكشف عن تباين واضح في ردود الأفعال تجاه هذه الحوادث، بناءً على النوع الاجتماعي للمنتحر.

عندما ينهي رجل حياته، يُنظر إليه على أنه ضحية للضغوط الحياتية، وتثار مناقشات حول الأعباء التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار، أما إذا كانت المرأة هي من تقدم على هذا الفعل، فإن القصة تتحول إلى قضية أخلاقية، يتصاعد الجدل حولها، ويُلقى اللوم على الضحية نفسها، وأحيانًا على أسرتها.

في الأيام الأخيرة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي قصتان متشابهتان، لكن ما لفت انتباهي أن التفاعل معهما كان مختلفًا تمامًا. الأولى تخص شاب أنهى حياته بسبب "ضغوط نفسية"، سرعان ما انتشرت التعليقات التي تعبر عن الحزن والأسى، وأن حياة الشباب صعبة، ويلجأون إلى الانتحار في لحظات اليأس. 

أما القصة الثانية، فكانت لفتاة هذه المرة، صاحب خبر إنهاء حياتها تركيزًا على شرفها وسلوكها الشخصي، ولم يُنظر إلى معاناتها النفسية كما حدث مع الشاب، بل احتدت التعليقات لدرجة تصوير انتحارها كفعل يجلب العار على أسرتها.

وفقًا لآراء علماء النفس والاجتماع، تعود هذه التباينات في ردود الأفعال تجاه الانتحار بين الجنسين إلى تراكمات ثقافية ومجتمعية، حيث تُفرض أدوار نمطية صارمة على الرجال والنساء منذ مرحلة الطفولة. 

فالرجال يُعتبرون مسؤولين عن تحمل ضغوط الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعل انتحارهم في نظر المجتمع مبررًا إلى حد ما، في المقابل، تُربط حياة النساء عادة بقيم العائلة والشرف، مما يؤدي إلى أن أي تصرف غير تقليدي، مثل الانتحار، يُعتبر إخفاقًا أخلاقيًا وليس نتيجة لأزمة نفسية كما في حالة انتحار الرجل.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO)، ينتحر الرجال بمعدلات أعلى من النساء، إلا أن النساء يُقدمن على محاولات انتحار أكثر، وأنهن يعانين من ضغوط نفسية مشابهة، لكن بطرق مختلفة.

كما أظهرت دراسة نشرتها المجلة الدولية للصحة النفسية (IJMH) أن التغطية الإعلامية لانتحار الرجال تركز على العوامل الاقتصادية والنفسية التي قد تؤدي بهم إلى هذا الفعل، بينما تغطي انتحار النساء من منظور اجتماعي وأخلاقي، مما يعزز النظرة التمييزية تجاه الظاهرة ويعزز التصورات النمطية المرتبطة بالنساء.

ويلعب الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل التصورات حول الانتحار، حيث تعكس التقارير الإخبارية في كثير من الأحيان التحيزات المجتمعية، ونجد أن قصص انتحار الرجال تُعرض كحوادث مأساوية تستدعي التعاطف والرحمة، بينما يتناول الإعلام انتحار النساء من منظور الفضائح والتكهنات حول أسباب غير واضحة.

في العديد من الحالات، يُركز الإعلام على الظروف المالية والمهنية التي دفعت الرجل إلى الانتحار، بينما يتم الغوص في ماضي المرأة، وعلاقاتها الشخصية، وسلوكها، وكأن انتحارها يحتاج إلى تفسير اجتماعي أو أخلاقي ليبرره.